في عالمنا اليوم أضحى الصراع على المياه حقيقة لا يمكن تجاهلها مع تطور دور المياه كأحد موضوعات السياسة الدولية ذات الأهمية الاستراتيجية حتى أطلق بعض الباحثين على قرننا الحالي قرن المياه لما ستلعبه من أدوار محورية في حياة الإنسان مستقبلاً .
يعود تصاعد أسباب الأزمة إلى ثلاثة أسباب رئيسية من بينها إساءة التصرف بموارد المياه المتاحة، يقابل هذا المصطلح وجوب ترشيد الاستهلاك الذي يعد من المواضيع الحيوية التي تشغل الرأي العام العالمي
ولا ينبغي تجاهلها فهي مسؤوليتنا جميعاً: الحفاظ على الموارد الطبيعية وممارسة الاساليب الحضارية في التعامل مع المياه وتكييف عاداتنا اليومية بحيث يتسم سلوكنا الاستهلاكي لاتعقل والاتزان والرشاد.
موضوع نقص التوعية
نقص الوعي عند الأفراد والأسر والتقصير في التوعية لا زالت مشكلة قائمة، النقطة الأكثر جدلأً هي تناولنا الدائم للمشاكل بعد تخمرها ونضجها ومحاولة وضع الحلول المباشرة لها باتباع أسلوب العلاج أكثر من الوقاية، ففي موضوع نقص الموارد المائية وما يتعلق به من سوء الترشيد وانعدام الضمير في التعامل مع الثروة المائية يوجد الكثير من التقصير من قبل الجمعيات والمؤسسات وووسائل الإعلام في تكثيف الحملات التي تندد بتبديد الثروة، فلا تكاد تخلو عائلة من عدد من الأشخاص الذين يتعاملون مع مياه المنزل بشئ كثير من الإهمال، وهو نفسه ما نبصره في الحدائق العامة وفوق أسطح المنازل وعند غسيل السيارات وفي سقاية المزروعات، فالجهل والإهمال مستشريين والمشكلة تكمن في أن نقطة البداية لم تبدأ بعد؟؟ فإلى متى ننتظر ؟؟ ومتى يدق ناقوس الخطر؟ أم أننا اعتدنا دائماًًُ عدم الإحساس بأزماتنا إلا عند وقوعها لنقف حيارى تائهين في إيجاد طريقً للخلاص..
أساليب الترشيد المقترحة
نقطة البداية هي نشر ثقافة الترشيد وحسن التعامل مع الخيرات التي بين أيدينا وغرس مفهوم المسؤولية والحرص الدائم على الثروات الوطنية على مستوى المدارس والمؤسسات التربوية والأسر ووسائل الإعلام وإقامة محاضرات مكثفة مستمرة إضافة إلى التعريف بمخاطر وأبعاد هدر المياه و ببعض العادات السليمة في الاستخدام اليومي للمياه كطرحنا للسؤال التالي:
كيف يمكنك أن ترشد استخدام المياه اليومية؟ سؤال وزّع عبر بروشورات للمؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي بدمشق:
1- استخدام وعاء عند غسيل السيارة بدل خرطوم المياه يوفر ما لايقل عن 300 ليتر في كل مرة.
2- مسح أرض منزل بمساحة 100 متر مربع يستهلك 18 ليتر بينما غسل الأرض بواسطة خرطوم المياه يستهلك 90 ليتر.
3- استعمالك الدوش عند الاستحمام يستهلك 20 ليتر بينما البانيو يستهلك ما يزيد عن 140 ليتر.
4- استخدامك السيفون الحديث في المنزل يستهلك 6 ليتر بينما القديم يستهلك 15 ليتر.
5- إذا فتحت الحنفية ربع فتحة سوف تخفّض استهلاكها خمس مرات عند فتحها بشكل كامل.
6- أثناء تنظيف الأسنان وترك الحنفية مفتوحة نهدر كمية لا تقل عن عشرة غالونات بينما يكفي لتنظيف الأسنان نصف غالون.
دور المرأة في الترشيد
مثلما أن للرجل دور هام في بناء الأسرة والإشراف عليها وتأمين احتياجاتها المادية والمعنوية فللمرأة الدور الهام والأساسي في ذلك ولا سيما في موضوع ترشيد استهلاك مصادر الطاقة من كهرباء أو ماء وغيره، تقع على عاتقها مسؤولية تحديد وتنظيم مصاريف المنزل المختلفة، ووجود المرأة في المنزل كربة بيت يرتب عليها مهام إضافة إلى مهامها التربوية والاجتماعية الأخرى اتجاه أفراد أسرتها، فلها الدور الأساسي في سلوكياتهم وعاداتهم اليويمة، هي القدوة والموجه الأول والرئيسي في حياة أطفالها في كل تصرف، عندما يرى الأطفال أمهم غير آبهة بترك صنبور الحمام أو المطبخ مفتوحاً لتنشغل بأعمال أخرى قد تكون مفيدة أو غير مفيدة كالثرثرة عبر الهاتف!، سينشأ الطفل على فكرة أنّ الماء شئ رخيص ومتوفر بكميات كبيرة ويستحيل أن ينضب، وهي الفكرة المناقضة لما يًطرح أمام الرأي العام وهو أن العالم سيكون في العقود المقبلة أمام مشكلة جفاف حقيقية.
الأم القدوة لا بد أن تربي أطفالها على احترام النعمة أياًَ ما كانت رخيصةً أم غالية، لأنّ الشئ بمجرد حاجتنا إليه يعتبر بقدر هذه الحاجة ذو قيمة عالية حتى لو كان ثمنه زهيداً، كما أنّ الموارد دائماً متناقصة مقارنةً مع الحاجات المتزايدة، وهذه العبارة هي صلب المشكلة الاقتصادية التي تكلم فيها العلماء والفلاسفة منذ مئات السنين وحتى الآن...
لذا على الأم مرة ثانية وثالثة ورابعة العبء الأكبر في التوجيه وتغيير النمط الاستهلاكي عند أولادها وتربيتهم على الخلق النيل وحب الوطن تربةً وماءً وهواءً، لأنها هي الأم التي نرجو، والمرأة التي نريد لها أن تتصدر دور القيادة في توجيه الجيل الجديد نحو فكر راقي وعاقل ومتفهم لمشاكل العصر..
بعض الجهود الدولية والمحلية
في إطار الجهود الدولية للحد من هدر المياه ومكافحة تلوثها أطلقت منظمة الأمم المتحدة حملة تستمر عقداً من الزمن ابتدئت يوم الثاني والعشرين من أذار عام 2005 ذكرى يوم المياه العالمي وتنتهي عام 2015 وذلك تحت شعار المياه من أجل الحياة..
وانطلاقاً من هذا الشعار ولما لهذا التعبير من أهمية كبيرة في سوريا التي تعد من البلاد شبه الجافة ذات الموارد المائية الشحيحة لا سيما مدينة دمشق، قامت المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي وبالتعاون مع المؤسسة الالمانية للتنمية ( ded ) بتأسيس فريق عمل لتصميم وتنفيذ حملة توعية مستدامة لترشيد استهلاك المياه في مدينة دمشق، تناول برنامج الفعاليات الذي استمر من يوم الأحد 22 3 2009 حتى يوم السبت 28 3 2009 لقاءات ومعارض رسوم للأطفال عن موضوع المياه ومحاضرة في الاتحاد النسائي عن الوضع المائي في دمشق ودور المراة في حملة التوعية ومحاضرة للدكتور موفق خلوف في المركز الثقافي العربي بكفرسوسة بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق وفعاليات أخرى بالتنسيق مع عدد من الجهات وبينها مديرية تربية دمشق وطلائع البعث ووزارة الثقافة ووزارة الإعلان ومديرية الأوقاف والإعلام والمنظمات الدولية المختلفة .
مشرو ع التوعية العامة
„حافظوا على الماء – فهو عصب الحياة!“ الشعار الذي رفعه فريق عمل ال(ded) في سوريا خلال عملة التوعية.
منبهين على ضرورة أن يكون الشعار اليومي لاستخدام المياه في بلد شبه جاف مثل سوريا يعاني بشكل متزايد من شح الأمطار و هبوط مستوى المياه الجوفية.
ما نلاحظه على أرض الواقع هو للأسف عكس ذلك.
والسبب الأساسي من وجهة نظرهم لهذه التصرفات هو غياب الوعي لدى المواطنين وعدم معرفتهم بالوضع المائي الحرج في بلدهم.
إيقاظ هذا الوعي هو هدف مؤسسة مياه عين الفيجة بالتعاون مع مستشارة من المؤسسة الألمانية للتنمية الـ (DED) و ذلك ضمن حملة توعية طويلة الأمد تحت عنوان: „الماء مسؤوليتنا جميعاً“.
الهدف من هذه الحملة هو رفع سوية الوعي لدى المستهلكين في دمشق حول الوضع المائي و ضرورة الاقتصاد في استهلاك الماء و ذلك بغية تغيير سلوكهم حيال استخدام الماء.
وتعتبر النساء، وبالأخص ربات المنازل، من أهم الفئات التي تهدف الحملة إلى توعيته. إذ أن قسم كبير من استهلاك المياه في مدينة دمشق هو استهلاك منزلي حيث تشكل المنازل أكثر من 80% من الزبائن المستهلكين و حيث أن النساء تقوم بمعظم الأعمال المنزلية اليومية المستهلكة للماء كالطبخ و الشطف و التنظيف.
و يعتبر الأطفال هم المجموعة الثانية التي يجب التركيز عليها و خاصة الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي في أعمار من 6 إلى 12 سنة. إذ أن أطفال اليوم هم زبائن الغد المستهلكين للمياه. كما أن الأطفال أكثر انفتاحاً على ما هو جديد و أكثر تقبلاً للتغيير، كما أنهم قادرون على نشر الوعي ضمن عوائلهم.
كما تتوجه حملة التوعية إلى رجال الدين الأكارم، حيث يمكن بمساعدتهم توعية المواطنين و تحسيسهم بحراجة الوضع المائي في البلد.
عندما نتحدث عن ترشيد الاستهلاك فإننا نهدف إلى التوعية بأهمية المياه باعتبارها أساس الحياة وتنمية الموارد المائية الذي اصبح مطلباً حيوياً لضمان التنمية المستدامة في كافة المجالات الصناعية والسياحية والزراعية عن طريق العمل على تغيير الأنماط والعادات الاستهلاكية ولا بد هنا أن نتذكر:
1- أن الإنسان يستخدم الماء دون أن يخطر في باله انه مادة قابلة للنفاذ.
2- أن الإنسان ومنذ القدم لا يعرف قيمة الشئ إلا بعد أن يفقده.
3- الكون ثروة لنا ولأجيالنا القادمة فلا بد أن نبتعد عن الأنانية قدر الإمكان في التعامل مع هذه الثروة.
موضوع: جهود الحكومة في ترشيد استلاك المياه 
الثلاثاء أبريل 03, 2012 5:50 pm
